عناصرالشاي وأدواته: ترف البداوة تتكوَّنُ عناصرُه أولا من الشاي الذي يسمونه عموما، بـ “الورَقة”، و يُحَرِّفُونَه، إلى “الشاه”، و “أتايْ”، و”الأتاء”، ويقسِّمُونه -حسب- أنْواعه القديمة، إلى “المفتول”، و”الوندريز”، و”النميلة”….، إضافة إلى السكر، الذي يسمُّونه بـ “التلج”، تحريفا للثلج، الذي يشْبِه قوالبَه القديمة، بياضا، وتماسكا، دونَ أن ننْسى الماءَ طبعا، وحزمة من النعناع ترَفا، أمَّا أدواتُه فأهمُّها صينية معْدنية، وإبْريقُ شاي، وكؤوسٌ، ومجْمَر، وإبْريق لغَلْي الماء،(مغرج) وقنْديلُ إضاءة(حسكة…) إن كان التحْضير ليلا، ولم يفُتْ الشعرَ الموريتاني أنْ يسجِّل لوْحة دقيقةً مُرَكَّبَةً، “لطقم” الشاي هذا، الذي نسمِّيه(أتَايْ)، مستلهما سورة يُوسُفَ عليه السلام، في صورة يُوسفَ مُحَضِّر هذا المشْروب المحبب، حيث يقول أحد شعرائنا القدماء: أتايُ يوسفَ لا شالتْ نَعامَتُه نَعْنَاعُه.. أبَدًا… يَفُوحُ رَيَّاهُ كأنَّ إبْرِيقَهُ- فِي دَوْرِ أكْؤُسِهِ- -مِنْ تَحْتِ مِشْكَاتِهِ- في الليْلِ- رُؤْيَاهُ! فالإبْريق، والمشكاة، يمثِّلانِ الشمسَ والقمَرَ، في رُؤيا يوسُفَ عليه السلام، والكؤوسُ الدائرةُ، تمثِّلُ الأحَدَ عَشَرَ كوْكبا التي رآها سَاجدةً له، وهنا نجد الشاعرَ سيد الأمين ولد سيدي ولد بابا الجكني، يصفُ وضْعية “مَواعِين” الشاي أيضا، ، مُشبِّها سيادة الإبريق على الكؤوس، بسلطة الجَمَلِ بين شوْله، في مَنْزَعٍ بدَوِي، مُعَرِّجًا على وصْف الصناعة في بعْض الأدواتِ، التي ينسبها للهنْد، تعبيرا عن انْبهاره الكبير بإتقانها : جلوسُ كؤوسٍ فوْق أمِّ الدعائمِ يهيِّجُ ما قدْ هاجَ طيْفٌ لنَائمِ تُرّوَّى منَ الإبْريقِ، وهو كَأَّنَّه عبَنٌّ يذودُ العِيطَ بيْنَ الضراغمِ وقد أتعَبَ الهنديُّ في صنَعَاتها ورصّعَ كالموْلودِ دانِي التمائمِ فهذا نعيمُ الدهْر لوْ كانَ دائما ولكنْ نعيمُ الدهْر ليْس بدائمِ طقوس الكؤوس لقد رصَدَ الشعر الموريتاني -بدقة- طريقةَ تحْضير هذا العصير السحْري، في طوْر خلْط مُكَوِّناته، وعلاجه، وتدويره بيْن الكؤوس، حتى يصبحَ كُمَيْتَ اللون، مُعتَّقا، مُزَّ الطَّعْم، بين مرارة الشاي، وحلاوة السكر، تتوِّجُ كاساتِه عمائمُ بيْضاءَ من الرغْوة….. ولعلَّ أروع نص موريتاني في وصْف هذا الطوْر من الشاي، هو قول ولد حبيب الرحمن، من شعراء النصف الأول من القرن العشرين: ومُعَتَّقٍ.. باكرْتُ.. عنْد المَطْــلعِ والشمْسُ – بَادية السَّنَا- لمْ تطْلعِ فسعيتُ-فيه- بحِيلتِي.. حتَّى أتَى جَبْرَ الخواطِر.. كالعصيرِ المُنْقَعِ وَتنَازَعَتْهُ.. حَــــــلاوَةٌ.. ومَرَارَةٌ كِلْتَاهُمَا -عنْ شَـــأوِها- لمْ تنْزَعِ كلْتاهما لمْ تُزْرِ بالأخْرَى.. ومَا شُرْبُ الأماجدِ غيْرَ تيْنِ بِمُقْنِعِ! شِرْبٌ.. إذا ما صُبَّ.. في كاساتِهِ تُكْسَى احْمِرَارًا كالخِضابِ بِأصْبعِ وعَلَى احْمِرارِ الكأسِ تعْلو رغْوَةٌ فتخالها شيبا.. بهـــــــامة أصْلَعِ وفي هذا السياق يقول الشاعر الشيخ أحمد ولد آدب: وشَايٍ بماءٍ رَنَّحَتْه غمامةُ على كلِّ كَأْسٍ منْه تبْدو عمَامَةُ وبـ «الوَنْدَرِيزِ» الصِّرْفِ أتْقَنَ مزْجَه معَ التَّلْجِ مَنْ راقتْ لدَيْهِ الإقامَةُ المنادمة الحلال: بين النخبوية، والعمومية: يُجْمِعُ الموريتانيون على أنَّ الشاي لا يطيبُ إلا في طقْسه الجماعي، وهذا ما كرَّسُوه، بقانون الجيمات الثلاثة، المُشْتَرَطِ تَوَفُّرُها للشاي النموْذجي، التي تتجسَّدُ عندهم في: الجَماعة- الجَّر(طول التحْضير)- الجَمَر، الذي يُساعد -هو الأخر- على إطالة أمَدِ الجلسة، المُنْعَقِدَةِ، حوْل الشاي، والتي لا يُرادُ لهَا أنْ تنْفَضَّ بسُرْعة.. غير أنَّ ما يخْتلفُ عليْه الموريتانيون هو نوْعية الحُضور، وطبيعة جلسات الشاي، هل هي مفتوحة أمام العموم، أم هي جلسات نخْبوية خاصة بأهْل الأدب والمعرفة، والمكانة الاجتماعية المعتبرة، حيث إنَّ هذه الجلسات، يريد لها هذا التيارُ أنْ تكونَ صالونات ثقافية، تدورُ فيها المُطارحات بيْن الفنانين، والأدباء، والعلماء، والظرفاء، ولا مجال لتسلل من لا يمكن أنْ يُحَلِّقَ في هذا الجوِّ الرفيع، فهذا العالم الشاعر أبو مدين الديماني رحمه الله، يحرص على الانتقائية في جلسة الشاي: ألا فاسقني كاساتِ شايٍ ولا تَذَرْ بساحَتِها مَنْ لا يُعِينُ علَى السَّمَرْ فوقْتُ شَرابِ الشَّايِ وقْتُ مَسَرَّةٍ* ُزُولُ به عن قلْبِ شاربِه الكَدَرْ وبما أن وقت شرب الشاي، تريد له النخبة أن يكون وقْت مسرَّة ومُسامَرَة، فإنه يُفَضَّلُ أنْ يكونَ الجوُّ العام مناسبا لذلك، حسبما يصفُه الشيخ سيدي الصغير: يُقيمُ لنا مولاي والليلُ مقمرٌ وأضواءُ مِصباح الزجاجة تُزْهِرُ وقد نسَمَتْ ريحُ الشمال على الرُّبى نسيمًا بأذيال الدُّجَى يتعَثرُ كؤوسًا من الشاه الشهيِّ شهيةً يطيبُ بها ليْل التمَام ويقْصُرُ وعلى طابع «الإمتاع والمؤانسة»، لمجالس الشاي، يلحُّ الشاعرُ الأديب ؛ محمد ولد احمد يوره، رحمه الله: أتايُنا منْه فمُّ المَرْءِ يَحْتَرِقُ قد طابَ سُكَّرُهُ والمَاءُ والورَقُ باتَ المُبارَكُ يَسْقِينَا علَى مَهَلٍ واللَّهْوُ مُجْتَمِعٌ والهَّمُّ مُفْتَرَقُ خِلْتُ الجُمَانَ عَلَى جِبَاهِ فتْيَتَنَا كلٌّ تَحَدَّرَ منْ جَبِينُهُ العَرَقُ! وهنا لا بُدَّ أنْ يكونَ مجلسُ الشاي النموْذجي هذا «مجلس أنْسٍ» مخصصا، كما يقول الشيخ أحمد ولد آدب، لكل أديب: وشادٍ بإنْشادٍ لشِعْرٍ مُهَذَّبٍ بمجْلسِ أنْسٍ ليْس فيه سَآمَةُ يميلُ إلى وصْفْ القُدُود.. وتارةً لوصْفِ خُدودٍ قدْ علتْها القَسَامَة ومن هنا لا غرابةَ أنْ ترى أحدَ هؤلاء النخبة يتأفَّفُ من تمييع الطقْس الجماعي، لمجلس الشاي، وفتْحه أمامَ كلِّ من هَبَّ ودَبَّ، ممنْ لا يُتْقِنُ إلا شرْبَ الكؤوس، مع أنَّ شرْب الشاي ليس غاية في حدِّ ذاته، بل هو مُجَرَّدُ وسيلةٍ للأنْس، والمُسَامَرَةِ والمُثاقَفَة: يا ويحَ للشاي لا تصْفو مَشاربُه لِشاربِيهِ لأنَّ الكَهْلَ شَاربُه والطفْل شاربُه منَّا وشاربُه مِنَّا الذِّي هُو ما إنْ طُرَّ شاربُه إن مجلس الشاي هنا يأخُذُ طابعَ جوِّ المُنادَمَةِ الحلال، وعلى ضوْء ذلك لا بُدَّ من صيانتِه من العرْبَدات غير اللائقة، ْمع العلم أنَّ هذا المشْروب، ليست له تأثيرات عقلية، وإنما يخافُ من مُجرد تدَنِّي مستويات الحديث، والتجاوزات اللفظية والفعلية، العادية في مطارحات العامة، حيث يقدِّمُ بعضُهم مسوغات إقلاعه عن تناول هذا المشروب، جاعلا من بينها: وخشيةَ أنْ أجالِسَ كــلَّ نذْلٍ يَجُرَّ إليَّ مَنْقَصَةً وهُونَـــا لكن هذا الاتجاه النخبوي في جماعية الشاي، هناك من يناقضه، بدعوته لفتح مجلس الشاي للجميع، باعتباره خيرا يجب تعميمه، فهذا الشيخ سعد أبيه، يعتبر: نُعَمِّمُه مثلَ المطاعِمِ عندنا…. الشاي الموريتاني: جدل السلوى والتقوى لأنَّ الشاي مشروبٌ وافدٌ على صحْراء شنْقيط، العالمة، المتدَيِّنة، كانَ لا بُدَّ أنْ يُثيرَ داخلَ المجتمع جدَل الحلال، والحرام، وبما أنَّ علَّة السُّكْر، مَنَاطَ تحْريم الخمْر، منتفيةٌ عنه تماما، فقد التمَسَ الجانحون إلى التعفُّفِ عنه، عِللا أخْرى، مثل إضاعة المال، وإهدار الوقت، غير أنّ مُدْمِنِيه لمْ يُقَصِّرُوا في دحْض كلِّ الشُّبُهَات، المُثارة حوْل مشْروبهم المُحَبَّبِ، فهو من الطيبات من الرزْق، التي لا سُلْطانَ لأحَدٍ على تحْريمها، ما دامَ الله قد أحَلَّها لعباده، وعلى العَكْس من إضاعة الوقْت رَأوْه مُساعدا حتَّى، على الدراسة والعبادة، والأذكار، كل تلك السِّجالات كانتْ تدورُ بلُغة الشعْر، لُغَةِ القوْم، المُهيْمِنَة على كل الخطابات الفقهية، والعلمية، والتاريخية…، فهذا أحَدُ الشعراء المُدْمِنينَ، يجعل العِلْمَ والشايَ شرْطيْ وُجُودٍ، للحياة الطيبة، ويعتبرهما معًا مترابطيْن وجودا وعدما: فلا عيْشٌ يطيبُ بغيْر عِلْمٍ وكأسٍ في العِظَامِ لها دَبيبُ! فلوْلا الكـأسُ مـا شُرِحَتْ صُدورٌ ولوْلا العِلْمُ ما عُرِفَ اللَّبيبُ! وهناك آخرُ، يرُدُّ على مُسَفِّهِي الإنْفاق عليْه، مُعتَبِرًا بذْله فيه لكلِّ ما جمعتْ يداهُ هو عيْن الرشاد، مُصِرًّا على تَمَادِيه، في تعاطيه، مهْما يكنْ: إنْ تُسْلِنِي عنْه فلسْتُ بِمُنْسَلٍ أوْ تدْعُنِي عنْه فلسْتُ بِمُنْدَعِ! وهذا البيت الأخير، يجسد صوت أغلب الموريتانيين، حتى الآن.
الشاي فى حياة الموريتانيين/ ادي ولد آدب
-
الشاي في حياة الموريتانيين
شاي انكوسة الأخضر هو خيار كل البيوت الراقية الشاي الموريتانييزخر الأدب الموريتاني بذكر الشاي وبالحديث عنه، عن... الشاي في حياة الموريتانيين -
إكْولو البظان : اجماعه ما تصلح دون أتاي
أدب الشاي : و من اجود انواع الشاي : شاي انكوسة الأخضر إكْولو البظان ، اجماعه ما تصلح دون أتاي / يرتبط البظان ارتباطا... إكْولو البظان : اجماعه ما تصلح دون أتاي -
أجمل الأشعار في حب الشاي مثل شاي انكوسة طبعا
أجمل الأشعار في حب الشاي مثل شاي انكوسة طبعا من أجمل ماقيل في حب الشاي للشاعر أحمد الصافي النجفي متغزّلاً واصفاً الشاي... أجمل الأشعار في حب الشاي مثل شاي انكوسة طبعا